يكافح الجنس البشري الفيروسات القاتلة و الأمراض المعدية منذ قديم الأزل، فسواء إيبولا أو الأنفلونزا أو الجدري أو شلل الأطفال وغيرها، هناك عشرات الفيروسات القاتلة التي تسببت في رعب عالمي على مر العصور.
ويعتبر فيروس كورونا الذي بدأ في الصين منذ ديسمبر 2019 هو الرعب الأعظم منذ الأيام الأولى لعام 2020، فبعد أن أعلنت الكثير من الدول وجود حالات فيها مع عزل تام لبعض المدن وعدم اكتشاف علاج نهائي فعلي له، يتزايد الرعب يومًا بعد يوم من تسببه في فناء البشرية أو ما يصل إلى 25-70% من التعداد السكاني وفقا لبعض التوقعات.
ولكن فيروس كورونا لم يكن الأول الذي يهدد البشرية وربما لن يكون الأخير، فهناك فيروسات أخرى كان لها هذا التأثير المدمر على آلاف البشر وأغلقت مدنا كاملة، منها ما تم السيطرة عليه عبر اللقاحات، ومنها ما لا تزال البشرية بكل العلم الذي توصلت له عاجزة عن تدميره تمامًا.
فهيا نتعرف معًا على أكثر الأمراض المعدية فتكًا والتي سببت الكثير من الخسائر للبشر.
فيروس كورونا الجديد.. أسبابه وطرق علاجه
الطاعون الدبلي
وهو المعروف بالموت الأسود، وقد اجتاح أوروبا ومنطقة البحر المتوسط من عام 1346 حتى عام 1353 وتوفى على أثره أكثر من 50 مليون شخص أي ما يقرب من 60% من سكان أوروبا في ذلك الوقت، وكان يُعتقد وقتها أنه بدأ في آسيا الوسطى نتيجة انتشار القوارض هناك.
وكان الناقل الأساسي له هو لدغ البراغيث المصابة بالبكتيريا، وكانت الأعراض تستمر من 3-5 أيام حتى الظهور والتسبب في الحمى والصداع والقشعريرة مع تركيز على الغدد اللمفاوية والتي يؤدي المرض إلى تشكل عُقد فيها، لذا أطلق عليه الطاعون الدبلي، ويتوفى 80% من المصابين بعد 5 أيام من العدوى.
واستطاعت الأمصال والتطعيمات أن تقضي على انتشار الطاعون كوباء، ولكن لا تزال هناك بؤر عالمية موجودة تعاني منه وخصوصًا في أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا، ولكنه لم يعد وباءً عالميًا.
وبين عامي 2010 و2015 تم الإبلاغ عن 3248 حالة إصابة بالطاعون في جميع أنحاء العالم وتوفى منها 584 حالة.
الجدري
لم يتم التوصل بشكل محدد إلى تاريخ الجدري عبر العصور البشرية، ولكن الكثير من الأبحاث تشير إلى أن ظهوره الأول كان عام 10 آلاف قبل الميلاد، وتم وصفه في النصوص السنسكريتية القديمة، كما تمت الإشارة له في مقبرة رمسيس الخامس والمدفون منذ عام 1156 قبل الميلاد.
ويحدث الجدري نتيجة فيروس الجدري، ويعتبر الإنسان هو العائل الوحيد له فلا تُصاب به أي حيوانات، وتحدث العدوى من الاتصال المباشر مع المصاب ويعتبر انتقاله في الجو أمرًا نادرًا، وتصل فترة الحضانة إلى 17 يوميًا، وتشبه الأعراض الأولى للأنفلونزا.
ووصل عدد الوفيات من الجدري في القرن الـ18 إلى 400 ألف شخص سنويًا، وكانت المعدلات مرتفعة في الأطفال، وأصيب ثلث الناجين منه بالعمى، وفي أواخر القرن الـ18 تم اكتشاف اللقاح من الأبقار بعد أن لاحظ شخص أن بعض الخادمات المصابات بجدري الأبقار وهو نوع آخر من الجدري لم يُصبن بالنوع القاتل.
فتم تطوير اللقاح من جدري الأبقار ومن يومها يتم تطعيم الأطفال به في الأشهر الأولى من الميلاد، وكانت آخر حالة وفاة بالجدري عام 1977 في الصومال، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تم القضاء تمامًا على هذا المرض.
فيروس سارس
السارس هو من أشكال العدوى ذات التاريخ القصير ولكنه مخيف أيضًا ولا يزال يتسبب في حالة قلق لدى منظمة الصحة العالمية، وهو أحد أشكال تطور فيروس كورونا ومن نفس العائلة التي تسبب أعراض البرد والحمى والصداع وأحيانا الإسهال، وهو يُصيب المريض بحالة شديدة من صعوبة التنفس.
وانتشر سريعًا في عام 2003 ليقتل 774 شخصًا من 8098 مصابًا، وأخطر ما كان متعلقا به هو قدرته على التحور والتغير السريع، وتم الإبلاغ عن 2428 حالة مؤكدة في الشرق الأوسط بهذا المرض حتى مايو 2019، وبعدها بقليل انتشر فيروس كورونا والذي يعتبر من العائلة نفسها وهو يسبب فشلًا حادًا في الجهاز التنفسي والكلى.
الإيبولا
وهو من أشكال العدوى القديمة والحديثة في الوقت نفسه، إذ تم اكتشافه للمرة الأولى عام 1976 وكان يُعتقد أن الخفافيش هي السبب الأقوى في انتشاره، وينتقل الفيروس بسهولة عبر الاتصال المباشر أو المحقنات الملوثة، وتظهر الأعراض خلال 21 يومًا على الأكثر.
وفي الألفية الثالثة حدث تفشي للإيبولا في غينيا وسيراليون وليبيريا بين عامي 2014 و2016، وتسبب في وفاة 11310 شخصًا من أصل 28616 مصابًا، كما ظهرت 11 حالة في أمريكا وتوفي منها اثنان.
وعلى الرغم من إعلان القضاء على إيبولا في عام 2016 إلا أن مخاطر الإصابة به في البلدان ذات النظم الصحية الضعيفة لا يزال قائما، وتوفي ما لا يقل عن 2000 شخص بسبب الإيبولا في الكونغو عام 2018 نتيجة الصراعات والعنف هناك، وهو لا يُعتبر شديد الخطورة إذا تم اتخاذ الاحتياطات المناسبة واللقاحات المتعلقة به.
الجذام
لسنوات طويلة تم اعتبار الجذام غضب من الله عز وجل أي لم يرتبط في الأذهان بعدوى بكتيرية أو فيروسية، حيث يتسم بفترة حضانة طويلة تصل إلى 3 سنوات، وهو ينتشر في الأساس في المناطق الاستوائية، وكان يتم إجبار المصابين بالجذام على ارتداء ملابس معينة لتحذير الآخرين من الاقتراب منهم.
وتم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن 200 ألف حالة جذام، وتظهر بين 150-200 حالة سنويًا في أمريكا ومعظم الحالات تكون من المهاجرين من الدول النامية.
وهو يمكن علاجه على فترة طويلة بالمضادات الحيوية إلا أن التشوهات وتلف الأعصاب الناجم عنه يظل غير قابل للشفاء.
شلل الأطفال
وهو من أشكال العدوى المميتة التي انتشرت للغاية في القرنين الـ19 والـ20، ولكن شهد ارتفاعًا مبالغًا فيه في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين مما كان السبب المباشر في إطلاق حملة عالمية ضد شلل الأطفال، وهو ينجم عن ملامسة البراز المصاب بالفيروس ويُعتبر الأطفال دون الخامسة هم الأكثر تعرضًا له.
وفي خلال 30 عامًا فقط انخفض معدل الإصابة بهذه العدوى من 350 ألف حالة سنويًا إلى 33 حالة فقط، ولم تبلغ الولايات المتحدة الأمريكية عن أي حالة شلل أطفال بها منذ عام 1979، وهو من الأمراض التي تسبب إعاقة دائمة أو الموت إذا تأثر الجهاز التنفسي.
الأنفلونزا
رغم أنها الأكثر فتكًا على الإطلاق بالبشر في هذه القائمة ولا تزال ضحاياها مستمرة كل عام، إلا أنها الأقل رعبًا أيضًا، ويعتبر تفشي وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 هو الأسوأ على الإطلاق إذ قتل 50 مليون شخص في عامين فقط، كما أن انتشار أنفلونزا الخنازير أيضًا عام 2009 وصل إلى حد الوباء بعد إصابة 89 مليون شخصًا حول العالم به.
وتتوافر الآن لقاحات سنوية يتم تعديلها كل عام لتتلاءم مع التغير في شكل الفيروس، ولكنه شديد المكر ويتغير باستمرار، كما أن اللقاحات نفسها لا تغطي أكثر من 40% من السلالات الرئيسية.
وهكذا فمع زيادة الكثافة السكانية إلا أن السيطرة على الفيروسات المسببة لـ الأمراض المعدية أصبحت أكثر سهولة من سنوات ماضية بكثير، سواء لسرعة انتشار الأخبار وزيادة الوعي أو نتيجة تطور الخدمات الصحية، لذا هناك الكثير من الآمال المعقودة على تمكُّن البشرية من التغلب على فيروس كورونا رغم تأثيره المميت.
كورونا ليس أخطرها.. إليكم عددًا من الأمراض المعدية القاتلة التي أبادت ملايين البشر بواسطة أراجيك - نثري المحتوى العربي
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق