“الأحلام هي معيار شخصيتنا”
هنري ديفيد ثورو
الحلم هو سلسلة متتالية من الصور والأفكار والعواطف والأحاسيس التي تحدث عادة بشكل لا إرادي في العقل خلال مراحل معينة من النوم وهي مرحلة “نوم حركة العين السريعة” ولا يمكن فهم محتوى الأحلام والغرض منها تمامًا، رغم أنها كانت موضوع اهتمام علمي وفلسفي وديني عبر التاريخ المسجل.
من المفترض أن كل شخص يراوده حلم، لكن هناك جزء صغير من الناس يفيد بأنه لا يتذكر أبدًا تجربة الأحلام تلك.
تتضمن الأحلام عادةً عناصر من واقع الحياة – أشخاص معروفون أو مواقع مألوفة – ولكنها غالبًا ما تأخذ طابعًا خياليًا. تتسم الأحلام بأنها مثيرة للاهتمام في كثير من الأحيان ويمكن أن تسمح للناس بالتصرف في سيناريوهات معينة لن يتسنى أن تحدث أبدًا في الحياة الواقعية لكنها ليست دائمًا إيجابية – فهناك الأحلام السلبية التي نطلق عليها اسم “الكوابيس” التي يمكن أن تخلق مشاعر الرعب والقلق أو اليأس ويمكن أن تفضي إلى مشاكل نفسية أو مشاكل في النوم مثل الأرق.
لكن السؤال العالق في أذهاننا هو هل لتلك الاحلام معنى أم لا ولماذا تراودنا الأحلام؟
هل للأحلام معنى ولماذا تراودنا الأحلام
اعتقد المصريون القدماء أن الأحلام كانت اتصالات من الآلهة أو نبوءات لما كان سيأتي. بدأ تفسير الأحلام كمجال للدراسة النفسية في عام 1899 عندما نشر سيغموند فرويد كتاب تفسير الأحلام ووضع الأساس لكثير من نظرياته عن العقل اللاواعي.
لا يتفق اليوم معظم الخبراء مع استنتاجات فرويد، ولا يعتقد البعض أن الأحلام تدل على أي شيء على الإطلاق، لكن معظم الناس ما زالوا يستيقظون بعد حلم واضح للغاية ويتساءلون عن الرسالة التي كان يحاول أن يقولها لهم.
لذلك دعونا نأخذ جولة قصيرة جدًا عن نظريات التي قدمها العلماء تفسيرًا للأحلام.
اقترح العلماء العديد من النظريات ولم يحظَ أي منها بإجماع واحد. وبالنظر إلى الكم الهائل من الوقت الذي نقضيه في حالة الحلم لم يفهم الباحثون بعد الغرض من الأحلام المشوبة بالغموض. ومع ذلك، من المهم التفكير في أن العلم لا يزال يكشف عن الغرض الدقيق ووظيفة النوم نفسه.
تفسير الأحلام عند فرويد
تماشيًا مع منظور التحليل النفسي، اقترحت نظرية سيغموند فرويد للأحلام أن الأحلام تمثل رغبات وأفكار ودوافع غير واعية. وفقًا لرؤية فرويد للتحليل النفسي للشخصية، فإن الأشخاص مدفوعون بغرائز عدوانية وجنسية قمعها الواعي. وبينما لم يتم التعبير عن هذه الأفكار في حالة الوعي، اقترح فرويد أن هذه الأفكار والرغبات تجد طريقها إلى الخارج عبر الأحلام.
كتب فرويد في كتابه تفسير الأحلام أن الأحلام هي
“… إنجازات متنكرة لرغبات مكبوتة”.
كما وصف عنصرين مختلفين من الأحلام: محتوى واضح ومحتوى كامن. يتكون المحتوى الظاهر من الصور والأفكار والمحتوى الفعلي الموجود في الحلم بينما يمثل المحتوى الكامن المعنى النفسي الخفي للحلم.
ساهمت نظرية فرويد في شعبية تفسير الأحلام التي لا تزال شائعة حتى اليوم. ومع ذلك، فشلت الأبحاث في إثبات أن المحتوى الظاهر يخفي الأهمية النفسية الحقيقية للحلم.
فرضية التركيب التنشيطي Activation-synthesis
تم اقتراح فرضية التركيب التنشيطي للحلم من قبل ج. آلان هوبسون وروبرت مكلارلي في عام 1970. وفقًا لهذه النظرية يتم تنشيط الدوائر في المخ أثناء نوم حركة العين السريعة، مما يسبب لمناطق في الجهاز الحوفي limbic system التي ترتبط بالعواطف والأحاسيس والذكريات- بما في ذلك اللوزة العصبية وقرن آمون- أن تكون نشطة. يقوم المخ بتوليف هذا النشاط الداخلي وتفسيره ويحاول إيجاد معنى في هذه الإشارات مما يفضي إلى الحلم. يقترح هذا النموذج أن الأحلام هي تفسير شخصي للإشارات التي يولدها الدماغ أثناء النوم.
وبينما تشير هذه النظرية إلى أن الأحلام هي نتيجة للإشارات المولدة داخليًا، لا يعتقد هوبسون أن الأحلام لا معنى لها. بدلاً من ذلك يشير إلى أن الحلم هو
“… حالتنا الواعية الأكثر إبداعًا”.
نظرية استيعاب المعلومات
واحدة من النظريات الرئيسية التي توضح سبب نومنا هي أن النوم يسمح لنا بدمج جميع المعلومات التي جمعناها خلال اليوم السابق ومعالجتها. يقترح بعض خبراء الأحلام أن الحلم هو ببساطة منتج ثانوي أو حتى جزء نشط من معالجة المعلومات هذه. أثناء تعاملنا مع العديد من المعلومات والذكريات من النهار، تخلق عقولنا النائمة الصور والانطباعات والسرد لإدارة كل النشاط الجاري داخل رؤوسنا أثناء نومنا.
نظريات أخرى
- تشير إحدى النظريات إلى أن الأحلام هي نتيجة محاولة أدمغتنا تفسير المؤثرات الخارجية أثناء النوم. على سبيل المثال، قد يتم دمج صوت الراديو في أثناء الحلم.
- هناك نظرية أخرى تقول إن الأحلام تعمل على “تنظيف” الفوضى من العقل، وتنشيط العقل للتحضير لليوم التالي.
- هناك نموذج آخر يقترح أن الأحلام تعمل كشكل من أشكال العلاج النفسي. في هذه النظرية يستطيع الحالم إقامة روابط بين الأفكار والعواطف المختلفة في بيئة آمنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق