في عام 2001 تكتشف جريدة “بوسطن جلوب” أن ٦% من قساوسة “بوسطن” قد اعتدوا جنسيًّا على الأطفال، وأن الكنيسة بدلًا من معاقبتهم واصلت نقلهم من مكان لمكان فلم تتوقف المشكلة. في 2002 وافقت الكنيسة على تقديم قرابة 250 قسيسًا إلى المحاكمة بتهمة “الاعتداء الجنسي”، بعد دحض الادعاء القديم بأنها حالات فردية والخضوع للأرقام التي تؤكد أننا بصدد نظام فاسد بالكامل.
لم يحدث الأمر بين يوم وليلة، هذا ما فكرت به يوم عرفت بالحكاية أول مرة. فَلِكَي يستمر هذا لسنوات، لا بد من الغطاء المجتمعي: سلسلة طويلة من النكران؛ من الاعتقاد بأن تجاهل المرض يقيك منه، بينما هو في الواقع يجعلك أشد عرضة للإصابة. تزدهر هذه المصائب بفعل الكتمان والتواطؤ الصامت، ولا تُعالَج إلى بخروجها للعلن، بالفضيحة، بفتح محادثة صادقة متأنية بشأنها. إحدى المقولات الهامة من فيلم “Spotlight” الذي ناقش القضية هي:
إذا كان إنشاء طفل يحتاج إلى قرية كاملة، فإفساده يحتاج إلى الشيء نفسه.
ينطبق الكلام عينه على ظواهر الاعتداء الجنسي بصوره التي تبلغ الاغتصاب، والتي تمارس ضد النساء بشكل أساسي، فإن الحرص على إبقاء هذه الموضوعات مفتوحة ليس فقط بغرض نشر الوعي وحماية الضحايا ومساندتهم، بل لأن الصمت أفضل وسيلة لاستمرار الاعتداء، وبتراكمه -كما في المثال- يتحول من حالات فردية إلى ممارسات جماعية.
تسع روايات تناقش الاعتداء الجنسي
ولماذا نرشح روايات بالتحديد؟ لأن الكتب -وهي مهمة- تناقش ظاهرة الاعتداء الجنسي من منظور اجتماعي ونفسي ووعظي، أما الروايات فتدمجه في سياق الحياة كما هو بالفعل، تريك صورته الواقعية بعيدًا عن التنظير والنصائح، تكشف لك إلى أي حد نحن متأخرون عن التصورات البدهية المحيطة بالأمر: تعريف الاعتداء ومسؤولية فاعله والتعامل مع الضحية وما يُنصح به لحماية النفس والآخر.
The luckiest girl alive
رواية “The luckiest girl alive” للكاتبة “Jessica Knoll” تحكي عن “آني فانيلي”، وهي امرأة تعيش حياة مثالية: تكتب عمودًا في مجلة نسائية وموفقة مهنيًّا ومخطوبة لرجل ناجح. ذات يوم تقرر “آني” أن تكشف تفاصيل تجربة رهيبة من ماضيها حيث كانت تدرس في مدرسة خاصة مرموقة، وهكذا تواجه السؤال الذي تواجهه كل امرأة موشكة على تقديم شكوى اعتداء جنسي: هل هي مستعدة لتلوكها الألسنة وتصبح حياتها الخاصة معروضة للناس؟ أهي جاهزة لمواجهة احتمال انهيار عالمها الذي بذلت الجهد الكبير في تأسيسه؟
الرواية تناقش الاعتداء الجنسي من هذا المنظور، في سياق غموض وتشويق ممتع. تخبرنا عن تأثير مآسي الماضي على الحاضر والموازنة بين ما تملك وما تجد نفسك مضطرًا لفعله. بيعت حقوق الرواية ويُرجى تحويلها إلى فيلم.
An untamed state
رواية “An untamed state” هي الرواية الأولى للكاتبة “Roxane Gay”، وهي رواية صعبة القراءة لفداحة المأساة بين سطورها. القصة عن “ميريل دوفال جيمسون” ابنة رجل هو أحد الأقطاب الأغنياء في “هايتي”، والتي تتعرض للاختطاف في وضح النهار وتحت أنظار أناس من بينهم زوجها. يرفض الأب دفع الفدية فتقضي “ميريل” ثلاثة عشر يومًا تتعرض للاعتداء الجنسي من عصبة رجال يمقتونها وكلَّ ما يتصل بعالمها.
لاحقًا، بعد نجاتها من الأسر، نشاهد محاولات “ميريل” المستميتة للعودة إلى ذاتها القديمة وتجاوز الجرح الغائر في روحها. تريك الرواية ما يمكن أن يؤدي إليه الإيذاء البشري من دمار، وكيف يمكن أن تنهار حياة -بل حيوات- مثالية في لحظة. تنجح الكاتبة الموهوبة في إظهار كيف أن الخلاص من الماضي يمكن أن يُعثر عليه في أبعد الأماكن عن التوقع.
His favorites
رواية “His favorites” للكاتبة “Kate Walbert” هي رواية قصيرة من كاتبة كثيرة المبيعات ومقبولة جدًّا في أوساط النقاد. تبدأ القصة بثلاث مراهقات ثملات يسرقن عربة جولف على سبيل المرح. عندما تتحطم العربة بهن تموت إحداهن على الفور. بعد المأساة، تفر “جو” (بطلة القصة وسائقة عربة الجولف) إلى مدرسة داخلية.
في المدرسة تجتذب “جو” انتباه مدرس إنجليزية محبوب، ثم تتوالى الأحداث -أو قل المصائب- بدءًا من هذه النقطة. رواية قصيرة لكن غير خفيفة، وهي تناقش الاعتداء الجنسي من زاوية تألم الضحايا الناتج عن طلبهم العون دون فائدة، بل الأسوأ: تعرضهم للتكذيب والتنمر من المجتمع الذي كثيرًا ما يفضل الدفاع عن المعتدين. هل يمكن أن يلي هذا عيشٌ طبيعي؟ تحاول الرواية أن تجيب.
History of violence
الرواية الرابعة في ترشيحاتنا هي رواية “History of violence” للكاتب “Édouard Louis”. هي رواية مبنية على قصة حقيقية بطلها كاتبها، بعدما حوَّرها طبعًا للأغراض الدرامية. وهي فرنسية قصيرة من 240 صفحة، تقف على الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال.
لأن التعرض للاعتداء الجنسي يقع للرجال أيضًا، كما يقع للمحتشمات والأطفال والعجائز، فإن الحكاية عن رجل اغتُصب وهُدِّد بالسلاح وكاد يُخنق، وقد وقع هذا في الليلة السابقة لليلة عيد الميلاد سنة 2012.
Speak
نأتي إلى رواية “Speak” للكاتبة “Laurie Halse Anderson”، وهي رواية مراهقين قديمة بعض الشيء (نشرت 1999) وتعتبر من كلاسيكيات النوع. وبما أنها موجهة ابتداءً لجمهور الـyoung adult فهي ذات اهتمام بمجتمع المدرسة الثانوية من حيث طلابه ومن حيث تعامل المنظومة التعليمية مع طلابه.
القصة عن فتاة من طالبات السنة الأولى تدعى “ميليندا سوردينو” تنهي إحدى حفلات الطلاب بطلب الشرطة، وتتعرض تبعًا لذلك للنبذ من أقرانها. في بقية صفحات الرواية تجاهد “ميليندا” لتحمل نفسها على شرح الأسباب التي دعتها إلى ما فعلت. الرواية الحاملة لعنوان “أفصِحي – Speak” تؤكد أن العالم يرغب منك بالمقابل التام لهذا؛ العالم يدَّعي الاهتمام بما لديك وليس كذلك في الحقيقة.
Thirteen reasons why
لا بد أنك تعرفت الاسم. نعم، “Thirteen reasons why” سلسلة نتفليكس الشهيرة التي صدر منها موسمها الرابع والختامي قبل شهر تقريبًا. قبل أن تكون السلسلةُ كان كتابُ المؤلف الأمريكي “Jay Asher” الذي صدر في 2007 للمرة الأولى، قبل أن يُعاد تداوله على نطاق واسع مع الإعلان عن السلسلة الناجحة.
الرواية تحكي قصة الفتاة المنتحرة “هانا بيكر”، والتي خلفت وراءها ثلاثة عشر شريط تسجيل تلقي الضوء على الأسباب التي أدت إلى قتلها نفسها. الرواية الظاهرة ذات الشعبية الكبيرة والمبيعات الهائلة تناقش الاعتداء الجنسي بين العديد من القضايا.
The lovely bones
رواية “The lovely bones” للكاتبة “Alice Sebold” هي رواية غموض ودراما وفنتازيا موجهة لجمهور المراهقين، وهي تبدأ بالسطر الآتي: “اسمي “سلَمون”، على اسم السمكة المعروفة، واسمي الأول “سوزي”. كنت في الرابعة عشرة من عمري لما قُتلت في السادس من ديسمبر عام 1973″.
بما أن “سوزي” تحكي حكايتها باعتبارها روحًا طافية تراقب حيوات أهلها من حيث لا يرونها، فإنها تسرد لنا الأحداث بين الماضي والحاضر، وتشهد تقدمهم في مساراتهم التي لن تكون أبدًا جزءًا منها ولن يتيسر لها امتلاك مثلها. كما تخبرنا بشأن مقتلها الذي وقع بعد اغتصابها. ميلودراما بديعة تثير أصدق الشجن.
Livia Lone
رواية “Livia Lone” هي الأولى من سلسلة كتب غموض وإثارة بدأت سنة 2016 وصدر منها أربعة كتب حتى الآن، وهي من تأليف الكاتب ” Barry Eisler” صاحب الروايات والسلاسل الناجحة في المجال.
القصة عن “ليفيا” التي بيعت في صغرها هي وأختها لعصابة من المتاجرين بالأطفال. قراءة مقاطع الاستغلال الجنسي في الرواية ليست يسيرة لكنها صادقة شعوريًّا إلى أبعد حد. القصة تنتقل إلى الحاضر حيث تحاول “ليفيا” تعقب أختها التي انفصلت عنها منذ وقت بعيد، كما تحاول تعقب معذبيها.
The color purple
رواية “The color purple” نشرت للمرة الأولى سنة 1982، وكاتبتها هي “Alice Walker” أول كاتبة سوداء البشرة تفوز بجائزة بوليتزر في الأدب، وقد فازت بها عن هذه الرواية بالتحديد، كما فازت الرواية بجائزة الكتاب الوطنية. رواية متوسطة الطول قوية الرسالة تحصل بمرور السنوات على مزيد من التقدير المستحق.
هذا العمل الكلاسيكي المكتوب بطريقة الرسائل يحكي عن امرأة جنوبية فقيرة سوداء البشرة طحنتها الظروف، وقد عرفت الاعتداء الجنسي أول مرة على يد زوج أمها، قبل أن يتكرر تعرضها له على يد زوجها. في النهاية تهرب المرأة إلى “ممفيس” لتبدأ عملًا خاصًّا بها، هذا وإن كان الملخص لا يفي هذا النص العميق حقه، بل لا يكاد يعبر عن شخصياته ومشاعره ورسائله.
من أجل حديث مفتوح عن الظاهرة الكارثية: تسع روايات تناقش الاعتداء الجنسي بواسطة أراجيك - نثري المحتوى العربي
مجانا .+3
! يتوافق هذا الموضوع مع جميع أجهزة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق