كورونا فيروس ثقيل الظل يرقى لمرتبة أتعس ميكروب مرَّ على هذا الكوكب. ذلك لسبب بسيط جداً، أنه ليس فيروس قاتل بشكل حاسم فينهي حياتك قاضياً عليها، ولا هو فيروس يمر مرور العابرين فيذهب سريعاً، إنما يقع في المنتصف البشع تماماً، لا يقتلك ولا يتركك ترتاح، فقط يحبسك داخل المنزل في منتصف أوقات الصيف ويقول لك يجب ألا تخرج وتبقى في الداخل تتعرّق، ولعل هذا بشكل ما أشد تعذيباً مِن كلا الخيارين السابقين.
وعن التعذيب والملل الذي يعتصر يوميات الإنسان العربي المعاصر، لا بد أن يكون للدراسة جانبٌ وحظٌ كبير في ذلك، خصوصاً أنّ شخصيّة الطالب دائماً تعيسة على مُختلف الأصعدة، ولعل السعيد منهم هو مَن يواسي نفسهُ ببهجة النجاح ويوم التخرج، أي طمعاً بالمكسب النهائي لا حباً بالرحلة نفسها.
ومع قدوم فيروس كورونا تفاقمت الحالة أكثر فأكثر، إذ زاد ضغطٌ إضافيٌ على الطالب، متجلياً بأنّه من الواجب أن تداوم وتدرس في بيئة يكتنفها عدم الراحة. سواءً من ناحية وضع الكمامة أو الطقس السيء الحار، وحتى الناحية النفسية بما يعتريها من خوف من العدوى وانتشار شائعات أن طالب ما مريض هنا وهناك فتحدث الضجة في الوسط الجامعي. إضافةً لحالة الضبابية والتعليق إلى إشعار آخر والتأجيلات المتراكمة وتغيير طريقة العمل والدراسة الأكاديمية. كل هذه المؤهبات تراكمت في عقل الطالب ليصبح أكثر تعاسةً وبؤساً، في ظل ظروف لا تدعوه سوى لذلك أيضاً.
ولأن أهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل، لا يمكننا أن نعمم ما ينبغي على الجامعات أن تفعله في ظل هذه الظروف الراهنة الشديدة، إلا أنّ الأمر يحتمل في داخله الرحمة والتسهيلات لا التعقيد والصعوبات. لأن الظروف الآن استثنائية ولا يمكن مُطالبة مَن يعيشون بظروف غير طبيعية أن يعطوا نتائج طبيعية أبداً.
على سبيل المثال بالإمكان نقل المحاضرات لتكون على شبكة الإنترنت عن بعد، ولا يمكن أن ننقد هذه الطريقة بالقول أنّها مثالية أو صعبة التطبيق وتحتاج رفاهيات، لأن التطبيقات التي تقوم بهذه الوظيفة أصبحت كثيرة واستخدامها سهل لم يعد بصعوبة ما كان قبل.
أما بالنسبة للاختبارات فنفس الأمر أيضاً. هناك تطبيقات بدأت تجري امتحانات من خلال الطلب من الطالب فتح الكاميرا أثناء تقديم الاختبار وإظهار رأسه بشكل كامل مع الأذنين حتى لا يغش باستخدام سماعات أو شيء ما مشابه. فالخيارات المتاحة كثيرة ومتعددة وفي متناول اليد.
أما لو بقيَ الحال كما هو على الطريقة التقليدية، فلا بد من إجراءات احترازية وأخرى تسهيلية تضاف لحماية جميع الأطراف، كتسهيل الامتحانات أو إنقاص المواد الدراسية الواجب حفظها بالإضافة لتحقيق جو مريح أثناء ذلك بدلاً من جدية الدراسة المعتادة في الظروف السابقة.
لو كانت الظروف عادية لكان من حق الجامعات أن تنضبط بمعاييرها الصعبة، لكن في الظروف الاستثنائية هناك حاجة ماسة لإجراءات استثنائية، ولعلَ رحمة الطلاب تقع في سقف أولويات هذه الإجراءات.
بكفي ارحمونا… في أزمة كورونا على الجامعات رحمة الطلاب قليلاً بواسطة أراجيك - نثري المحتوى العربي
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق