على الرغم من أنّ جسيمات النيوترينو جسيمات غامضة إلّا أنها شائعة بشكل كبير حيث تعبر المليارات منها عبر جسم الإنسان كل ثانية، لكنّها نادراً ما تتفاعل مع المادة العادية لذلك يُعد كشفها تحدي هندسي كبير وحتى عندما نكشفها لا تبدو النتائج منطقية دائماً، فعلى سبيل المثال كُشف مؤخراً عن جسيمات نيوترينو تملك الكثير من الطاقة لكن لم يكن لدى العلماء أدنى فكرة عن كيفية تشكلها.
كاشف جسيمات النيوترينو عادةً ما يكون غرفة كبيرة مملوءة بالماء النقي أو الجليد ويوجد بداخلها كواشف حساسة جداً، لكن لا تتم ملاحظة جسيمات النيوترينو بشكل مباشر إنما تنتظر الكواشف حتى يصطدم نيوترون بذرّة ما، حيث يتشكل عند الاصطدام جسيمات مشحونة ينتج عنها ضوء كالإلكترونات وغيرها وبذلك يُعرف أنّ نيوترون ما تفاعل مع الكاشف.
يعد مرصد IceCube في القارة القطبية الجنوبية واحد من أفضل كواشف جسيمات النيوترينو حيث تعد القارة مكان ممتاز لرصد تلك الجسيمات لأنّ الطبقة السميكة من الجليد جيّدة للغاية في امتصاص جميع أنواع الجسيمات، فبدفن المرصد تحت الجليد يمكننا التأكد من أنّ جميع الأحداث التي يتم كشفها هي من جسيمات النيوترينو ، لكن هناك مرصد نيوتروني آخر في تلك القارة يدعى هوائي النبضة العابرة أو ANITA ويعمل بطريقة مختلفة تماماً.
مرصد ANITA عبارة عن كاشف راديوي حساس مركب في بالون وهو كاشف راديو لأنّ جسيمات النيوترينو عالية الطاقة تُنتج ضوء راديو عندما تصطدم بالجليد، وهذه الجسيمات أقوى بمئات المرات من تلك التي كُشفت بواسطة IceCube، وعندما كشفها ANITA سببت القليل من الاضطراب لأنّها على ما يبدو عبرت الأرض قبل أن تضرب الجليد، لكن إذا كان ذلك ما حصل فإنّها ستؤدي إلى أحداث يمكن كشفها بواسطة IceCube.
تعاون العلماء مع مرصد IceCube بحثاً عن أحداث كشف وقعت في نفس الوقت الذي كشف فيه مرصد ANITA جسيمات نيوترينو فلم يجدوا أي دليل على أحداث مترابطة، مما يعني أنّ عمليات الكشف ليست بسبب حدث نيوتروني عالي الطاقة، وذلك أمر غريب لأنّه يترك احتمالين: إمّا أن يكون مرصد ANITA أعطى نتائج خاطئة بسبب خلل في التصميم أو أنّ الأحداث النيوترونية تقع خارج حدود النموذج المرجعي المعروف لفيزياء الجسيمات.
هذه ليست سوى مجموعة صغيرة من الأحداث لذلك هناك سبب لتوخي الحذر بشأن النتائج، فعلى أي حال قد يشير هذا العمل الأخير إلى عالم جديد من الفيزياء لا نفهمه بعد.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق