ألاَ نريد جميعًا أن نعيشَ حياةً كاملة ومُرضية؟ يبدو الأمر وكأنّه في بعض الأحيان أشبه بحلمٍ راقٍ- فهو خيالٌ وليس حقيقة!
وسيقُول لك البعضُ: إنَّ “الحياة المُرضية” ممكنَةٌ فقط إذا كُنت غنيًا لدرجة أنّك لست مضطرًّا إلى الاهتمام بالعملِ أو دفع الفواتير أو توفير الرّزقِ لعائلتك. بينما هناك بعض الحقيقة في ذلك، يسعدُني أن أقول لك إنَّ الحرية المالية ليست هي الحلّ الوحيد لعيشِ حياة مرضية.
كيف تعيش حياة مُرضية؟
يمكن لأيّ شخص عيشُ حياة مليئة بالرّضى، كلّ هذا يبدأ بالرّغبة في التعلّم. كم سنة مضت عليك منذ آخر مرة التحقتَ فيها بفصلٍ تعليمي؟
هل تتذكَّر الأوقات التي كان عليك فيها الاستيقاظُ من أجل مُحاضرات الصَّباح الباكر؟ أو الأوقات التي كنت تُسرع فيها لأجلِ إنهاءِ ورقة أو مشرُوع؟ وبالطَّبع كانت هناك امتحاناتٌ لا نهاية لها اضطُرِرتَ لإجرائها.
أتذكَّر كطالبٍ جامعي شاب، أنني كنت أتطلَّع إلى الوقت الذي أُصبحُ فيه أخيرًا حرًّا من الجامعة، لا مزيد من الواجبات المنزلية، لا مزيد من الاختباراتِ المُقلقة، لا مزيد من التوتر! لقد أنهيتُ الدراسة أخيرًا ويمكنني دخول عالم العمل الآن. ممم.. للأسف ليس بالضّبط!
الآن وقد دخلتُ أخيرًا إلى عالم العمل، هناك لحظات أتمنّى فيها أن أكون طالبًا مرة أخرى؛ يبدو الأمر أقلّ إرهاقًا الآن!
هناك ببساطة الكثير لدرجة أنني لا أزال بحاجة إلى التعلّم والخبرة. ومع ذلك أجدُ نفسي مضغوطًا مع الوقت، للتوفيق بين الالتزامات العائلية وعملي وحياتي الاجتماعية. كان عليّ أن أُواصل البحث عن طرقٍ جديدة للتعلّم واستيعاب المعلوماتِ الجديدة بكَفَاءة. على مرّ السنين، وجدتُ أنه من خلال تعلّم مهارات ومعرفة جديدة، تمكَّنتُ من العثُور على إجاباتٍ وحلولٍ لمشاكلي، ممَّا سمَحَ لي بتحقيقِ شعورٍ أكبر بالإنجاز.
الحقيقة هي أنَّ التعلم لا ينتهي أبداً. بشكلٍ عام، صحيح أنّ التعليم الرسمي والمؤهلات ربما مهمَّة في تأمين وظائِف جيدة؛ الوظائف التي تسمحُ لك بالتفوُّق وكسبِ المزيد وربّما تصبح أكثر نجاحًا في مهنتك المختارة. لكن الذّهاب إلى المدرسة هو نوعٌ واحد فقط من التعلم. طوال حياتك، تتعلّم بطرُقٍ عديدة. كلّ هذه التجارب تشكّلك وتنمّيك لتصبح الشّخص الذي أنت عليه اليوم.
هناك العديد من الفُرص لتعزيزِ معرفتك وتطويرِ المهارات التي تحتاجُها طوال الحياة. يمكنُ اكتساب المعرِفة ويمكن تطوير مجموعةٍ من المهارات في أيِّ مكان. ومع ذلك، فإنّ التعلّم مدى الحياة يدُور حول إنشاء والحفاظ على موقفٍ إيجابي من التعلّم من أجل التنمية الشَّخصية والمهنية.
يتَجاهلُ الكثير من النَّاس حقيقة أنَّ التعلم يمكن أن يحدث في أيّ مكان وبأشكالٍ عديدة. يميلُ معظمهم إلى التفكير في التعلُّم باعتباره تلك السنوات التي قضاها في معهدٍ تعليمي، والذي يحدُثُ غالبًا في أيام شبابه. وبمجرد الخروج إلى عالم العمل، ينتهي “التعلّم”.
ليس هذا هو ما يجب أن يكون – في الواقع، التعلُّم مدى الحياة هو هدية تجعلُك تستمرّ في العطاء.
أهميّة التعلم مدى الحياة
لماذا من المهمّ أن تصبح متعلّماً مدى الحياة؟
التعلّم مدى الحياة هو الدافع للتعلم والتطور لأنّك تُريد ذلك؛ إنه عملٌ متعمّد وطوعي. يمكن للتعلم مدى الحياة أن يعزِّز فهمَنَا للعالم من حولنا، ويزوِّدنا بمزيدٍ من الفرص الأفضل، ويحسِّن نوعية حياتنا.
بغضّ النّظر عن مرحلة الحياة التي تعيش فيها، فإنّ كونك متعلمًا مدى الحياة يجلبُ مكافآته الخاصة. هذا يعني أنه يمكنُنا الحصول على مزيدٍ من الرّضا الشخصي من حياتنا ووظائِفنا، كما يمكننا أن نفهم المزيد حول من نحن وماذا نفعل.
هذا يُمكن أن يؤدِّي إلى نتائج أفضل ويوم عمل أكثر جَدوى بدوره. سواءً أكان ذلك من أجل النُّهوض بحياتك المهنية أو الاهتمام الشخصي أو الرَّغبة في متابعة أحلامٍ وأهدافٍ جدِيدة، فإنُّ التعلم يدفعُك تلقائيًا إلى الأمامِ نحو التقدُّم ويعزِّز صحتك ورفاهك النفسي.
من النَّاحية المالية، فإنَّ العامل الأكثر مهارة، والذي هو أحد الأصول لأيّ شركة، هو مدى امتلاكك للذكائك العاطفي وثقتُك، وقُدرتك على التّعامل مع الآخرين. هذا يؤدِّي أيضًا إلى تعزيز ترقِيتك.
سيكون للشّخص الذي يمكنُه تقديم المزيد من الخبرة قيمة أكبر ليس فقط لأصحاب العمل ولكن أيضًا للعملاء. الخبرة هي أيضاً، في كثيرٍ من الأحيان، نوعية رئيسية لزعيمٍ فعَّال، وهذا يعود بالرضى على صاحبه.
ونظرًا لأنّك تتعلّم باستمرار، سيكُون لديك ميزة على أولئِك الذين لا يقدِّرون التعلّم مدى الحياة ولا يُمكنهم منحُ الكثير للمؤسّسة أو الشركة، أو أيا كان مكان تواجدهم وعملهم. ستُترجم معرفتك الإضافية إلى مهاراتٍ قابلة للتحويل، ممّا يعني أنّك ستستعد دائمًا لتفجير المنافسة.
بالطّبع، أحد أكثر الأسباب مكافأة للتعلم المستمرّ، هو أنّه يوفر لك خيارات! يعدُّ تغيير المسار الوظيفي بنجاحٍ في منتصف العمر وقضاء الوقت في تطوير الخبرات بشكلٍ غير رسمي أكثر شيوعًا من أيّ وقتٍ مضى، خاصةً في ظلِّ ظُرُوف السُّوق المتغيرة بسرعة.
مهما كان عمرك، فلم يفت الأوان بعد لتبدأ حياتَك من جديد. عندما تبدأ في تثقيف نفسك وتعريض نفسك لمعرفة ومعلوماتٍ جديدة يومياً، فإنَّك تزيد من فُرصك. سيتيحُ لك ذلك أن تفعل أكثر ممّا تفعله حاليًا، أو يمنحك مَخرجًا إذا لم تكن راضيًا عن مكانك الحالي.
علينا أن نتكيَّف مع التغيرات التي تحدث في عالم العمل اليوم، وأن ندفَع أنفُسَنا من خلال الخروج من مناطق الراحة أكثر، وكسر الأفكار الخاطِئة حول إمكاناتنا وكيف نعتقِد أنَّ الحياة تسير.
يتجاوزُ التعلُّم مدى الحياة مهارات جديدة لتطوِيرك المِهنِي أو الشخصي. إنَّها تشكّل عقلك لتكون منفتحًا على وجهات نظرٍ جديدة وفرصٍ خفية.
عندما تواجه أيّ انتكاسة أو قيودٍ في الحياة، فإنّ مفتاح التغيير يكمُنُ في داخِلك. ليس من المهم واقعك، بل المهمّ وجهة نظرك لواقعك. لذلك، أن تكُون قادرًا على التحكُّم في كيفية النظر إلى الأشياء هو سر عيشِ حياةٍ مُرضية.
البعضُ منّا قادرٌ على المُضي قدمًا بشكلٍ أسرع من الآخرين لأنّنا قادرون على التحكم بشكلٍ أكبر في كيفية النظر إلى الأشياء. نحن قادرُون على تحويل تفكيرنا إلى النظر في أكثر المواقف سلبية وتحويلها إلى شيءٍ إيجابي.
والخبر السّار هو أنه نظرًا لأنّ جميع القيود تبدأ من عقلك، فهذا يعني أنه يمكنك معرفة كيفية التحكم في طريقة عرضِ حدودك للآخرين.
مهما كان الموقف الذي تتواجد فيه، لا تتوقّف عن التعلّم أبدًا. ستتمكَّن من التحرر من قيودك الحالية ودفع نفسك إلى نجاحاتٍ أكبر، مما يتيح لك عيش رضى حقيقي في الحياة.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق