معظمنا من هواة الرياضة لديه فريق يشجعه، يفضله على ذلك الفريق الآخر. وكل مشجع يتمسك بتشجع فريقه مهما كان الأمر، ويتجلى ذلك التشجيع عندما لا تسير الأمور على ما يرام مع فريقه المفضل. وقد حدد علماء النفس الاجتماعيين نوعين من ردود الفعل التي يجب على المشجعين الرياضيين القيام بها تجاه أداء فريقهم سوف نستكشفها هنا، بالإضافة إلى العديد من المفاهيم النفسية المتعلقة التي تنطبق على سلوك المشجعين.
ما هو مصطلح الـ “بيرجينج” BIRGing
هناك مصطلح يدعى “بيرجينج” BIRGing وهو مختصر للكلمة الإنجليزية Basking in reflected glory والتي تترجم حرفيًا ” التمتع بالعظمة المنعكسة” حيث يربط الفرد نفسه بآخرين ناجحين معروفين، بحيث يصبح نجاح الفائز إنجازًا شخصيًا للفرد.
الانتماء إلى نجاح شخص آخر يكفي لتحفيز مجد الذات، وهذا ما يحدث فعليًا مع المشجعين، عندما يكون فريقك في حالة جيدة، تشعر بشعور العظمة. وتظهر الأبحاث أنه في اليوم التالي لفوز فريق ما يشعر الناس بالراحة تجاه أنفسهم. إنهم يقولون “نحن” فزنا، وبالفعل لا يعنون بكلمة “نحن” أنفسهم شخصيًا بل فريقهم.
وبالعكس هناك مصطلح يدعى “كورفونج” وهو مختصر للكلمة الإنجليزية Cut Off Reflected Failure وهو أن تنأى بفشل فريقك بعيدًا عنك. عندما يخسر الفريق فإنك تريد أن تبعد وصمة العار تلك عن نفسك، إنهم هم الذين خسروا وليس أنا. وسوف تبعد جميع ملابس الفريق عن منظورك في اليوم التالي. ولذلك هناك اختبار يحدد إذا ما كنت مجرد مشجع هاوٍ أما لا.
لذلك فإن المشجعين الحقيقيين سوف يرتدون ملابس ذلك الفريق بغض النظر عن الأداء الضعيف لفريقهم، وقد يشعر المشجعون الحقيقيون بالاكتئاب لكن أبطالهم يظلون أبطالهم، حتى لو شوهتهم الهزيمة إلى حد ما.
هل يرتبط التشجيع بمفاهيم أخرى
يعد هذان الجانبان من الجوانب النفسية للرياضة أمرًا رائعًا لفهم كيف يتصرف المشجعون الحقيقيون والمتقلبون بعد النصر والخسارة، لكن المفاهيم الأخرى تساعد في توضيح سبب قيام المعجبين بما يقومون به أثناء الألعاب، فالمشجعين الذين يحضرون الألعاب يبدون ظاهرة نفسية اجتماعية تعرف باسم “إزالة التثبيط”، إنهم يصرخون ويصرخون ويقفون ويهتفون. حتى الأشخاص المتحفظين والخجولين عادةً سينفجرون في أفعال صاخبة عندما يحيط بهم أشخاص آخرون يشاركون في نفس الإثارة غير المقيدة. لسوء الحظ في بعض الأحيان يمكن لهذا الأمر أن يحدث فوضى حين يتدفق المشجعون الغاضبون إلى الشوارع بعد النصر (أو الهزيمة) حتى تتدخل السلطات المحلية.
السعادة والهوية
من الطبيعي أن يكون الرياضي مرتبطًا بزملائه بالفريق باعتبارهم جزءًا واحدًا، لكننا نلاحظ أيضًا هؤلاء المشجعين في المدرجات يشعرون بالحماسة جدًا لفريقهم بحيث يصبح جزءًا من هويتهم ويؤثر على سعادتهم. ومن الطبيعي أن تشعر بالسعادة لدى فوز فريقك أو يصيبك اليأس والحزن لدى خسارته.
وتُظهر الأبحاث أوجه التشابه بين تماهي المعجبين بفريقهم الرياضي وبين تماهيهم بجنسيتهم أو عرقهم أو دينهم.
يقول دانييل وان، أستاذ علم النفس بجامعة ولاية موراي، يشعر المشجع بعلاقة نفسية وطيدة بينه وبين فريقه وينظر لأداء فريقه على أنه جزء متصل به.
لماذا بعض الناس مشجعون؟
هناك سؤال يراود بعض الناس الذين لا يشجعون أي شئ وهو لماذا يتابع الناس الرياضة بحماسة؟
تؤكد الأبحاث أن في معظم المناسبات الرياضية هناك فريق لابد أن يخسر وسوف يشعر مشجعوه بالحزن نتيجة لذلك. لكنهم يستمرون في تشجيع فريقهم، لذلك فالأمر لا يتعلق بأداء فريقك أو فوزه، فكل فريق سوف يأتي له وقت ويخسر. وبالنسبة لي ككاتب مصري، قد لا يفهم المشجعون معنى كلمة الولاء للفريق الخاسر بشكلٍ أفضل من أتباع فريق الزمالك المصري، ربما لم يحصد الزمالك الكثير من البطولات سواء في الدوري أو غيرها من البطولات مقارنة بوصيفه الأهلي، لكن الزمالك يحظى بشعبية واسعة جدًا. ومن ثم لك أحد تسأل أحد مشجعي الفريق، لماذا تشجع فريقك؟ بالطبع لن يقول لك بسبب البطولات.
لكن بعض الأبحاث تشير إلى أن الأمر متعلق بالحاجة إلى الانتماء. يقول دانييل وان “عندما ننظر إلى دوافع المرء لاتباع فريق رياضي، فإن الانتماء الجماعي هو واحد من أفضل الدوافع، لذلك فإن تشجيع فريق محلي بارز في مكان ما حيث يوجد مشجعون آخرون في ذلك المكان مفيد للسعادة الاجتماعية والنفسية.
التحيز والعنف
لننتقل لنقطة ثانية وهي التحيز، وأقصد هنا تحيز جماعة ضد جماعة أخرى. وهذه ظاهرة نفسية اجتماعية مجربة وحقيقية. لذلك فإن عشاق الفريق الواحد يكونون ضمن “المجموعة” وسوف يستنكرون مشجعي الفريق الآخر. ومن هنا قد ينشأ العنف. لذلك هناك ما يسمى بالعنف الرياضي والذي يشير إلى أعمال بدنية عنيفة غالبًا ما تكون غير ضارة تُرتكب عن قصد أثناء التشجيع.
هناك نظريتان رئيسيتان حول سبب العنف في الرياضة. تقول إحدى النظريات أن البشر لديهم غريزة للعنف تطورت خلال وقت كان على أسلاف الإنسان الأوائل اللجوء إلى العنف والعدوانية للبقاء والتكاثر. وهناك نظرية أخرى تتعامل مع الجوانب الاجتماعية للعنف في الرياضة، قائلة إن الرياضة هي “معارك وهمية” يمكن أن تصبح معارك حقيقية بسبب طبيعتها التنافسية.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق