في ظل تردي الأوضاع العربية اقتصادياً وسياسياً وتقلبها المستمر، والذي انعكس بشكل سلبي على التعليم في كافة مراحله، يسعى الشباب العربي لتأمين منح دراسية أو البحث عن أي وسيلة تجعله يطور من نفسه ومن مستواه التعليمي بهدف الحصول على شهادة تعليم عالي ذات مستوى ومصداقية عالية تؤهله للعمل والنجاح العملي وليس مجرد شهادة جامعية لا تفيد علمياً ولا عملياً.
حلم كبير..وسعي عظيم
بالنسبة للبعض تبدو أسماء عظيمة متل كامبريدج وأوكسفورد وMIT أحلاماً بعيدة المنال لا يجرؤون حتى على التفكير فيها، لكن بعض الأحلام قابلة للتحقيق مهما بدت مستحيلة للآخرين، وهذا ما فعله إحسان التيناوي والذي استطاع أن يحصل على منحة دراسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياMIT للدراسة فيه والآن وقد أنهى ثلاث سنوات من المرحلة الجامعية فيه، يُحدثنا إحسان عن تجربته في السعي لهذا القبول الجامعي وكيفية الحصول عليه، وكذلك عن الدراسة في المعهد وفي الولايات المتحدة الأمريكية.
منذ صغره وإحسان يتمنى أن يخطو على خطا والده ويدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأزمة السورية والمعوقات التي وضعت في طريق السوريين من أجل السفر خصوصاً للولايات المتحدة الأمريكية لم تكن مانعاً لتجعل إحسان يتخلى عن حلمه، بل سافر إلى لبنان مع عائلته وهناك بدأ مشواره في البحث عن الوسائل التي تسمح له بالحصول على القبول الجامعي مع معهد ماستشوش للعلوم التكنولوجية، ورغم استغراب أو استهزاء البعض بهذا الحلم الكبير، وبأنه من الأحرى به أن يسعى للحصول على قبول في جامعة عادية أو ذات مستوى أقل من هذا، لكنه بقي مصراً وواصل البحث عن الطرق والوسائل التي تزيد من احتمالية قبوله في المعهد..
خطوات القبول
وكان الحصول على الشهادة الثانوية الدولية (IP) في لبنان الخطوة الأولى التي ساهمت في رفع احتمالية قبوله في وقت التقديم، وهي تساعد أي طالب يرغب في التقدم للجامعات الأمريكية والأوروبية من حيث أنها تملك منهجاً موحداً عالمياً ولغة الدراسة فيها هي الانكليزية مما يعطي خلفية جيدة عن مستوى التعليم الذي حصل عليه الطالب، وهذا ما فعله إحسان.
وكان تطوير مستوى اللغة الانكليزية كما أخبرنا إحسان هو العامل الثاني الذي ساعده، ورغم أنه درس في دمشق في مدراس أجنبية او لغات، لكنه احتاج إلى الكثير من التدريب لشهور حتى يستطيع أن يصل لمستوى الحصول على شهادة اللغة العالمية، فهذه الشهادات كما يقول إحسان ليست فقط مادة دراسية تدرسها وتنجح في التقدم للامتحان فيها، لكنها عبارة عن أسلوب حياة ولغة تتمكن منها بشكل كامل تماماً بحيث تصبح جزءاً من ثقافتك، فهي تحتاج على الأٌقل للممارسة لمدة تسعة أشهر قبل التقدم للامتحان الدولي الخاص بها، وهذا لا يتعلق بمدى إجادتك للغة الانجليزية.
كيف تحصل على منحة؟
إحسان بالإضافة لدراسته في الولايات المتحدة الأمريكية فهو الآن متطوع مع منظمة تمكين الشباب السوري Syrian Youth Empowerment وهي منظمة مكونة من مجموعة من الشباب السوري استطاعوا الحصول على منح من منظمة جسور في الولايات المتحدة الأمريكية وقرروا تأسيس هذه المنظمة لمساعدة الطلاب في الوصول إلى ما وصلوا إليه وإرشادهم لأهم الخطوات التي عليهم اتباعها، فهم لا يقدمون منحاً أو يصلون الطلاب بالجامعات، ولكن تقوم مهمتهم على الأخذ بيد الطالب للوصل إلى الجامعة من خلال مساعدته على اختيار المنحة اوالجامعة المناسبة له ولدراسته، وإرشاده في خطوات التقديم التفصيلية، مثل كيفية كتابة رسالة الدافع ويعمل معهم داخل سوريا على أرض الواقع بعض الأساتذة المتخصصين في اللغة الانكليزية والذين يؤهلون الطلاب للحصول على توفل أو أي شهادة انكليزية أخرى.
ويخبرنا إحسان من خلال تطوعه وتعامله مع العديد الشباب السوري في أنحاء العالم عن أهم الأمور التي يجب مراعاتها أثناء التقدم للجامعات الأمريكية والتي قد لا يلقي لها الطلاب بالاً، فالجامعات الأمريكية تهتم بشخصية الطالب والنشاطات التي يمارسها الطالب خارج نطاق الدراسة وكيف سيكون انتسابه للجامعة إضافة مهمة لها.
ويقول أن الطلاب في الوطن العربي غالباً لا تلقي بالاً لدروس الرسم والموسيقى والفنون والرياضة والإلقاء، لكن الجامعات الأمريكية تهتم بدرجات هذه المواد وإذا كان الطالب قد حضر كورسات في أي منها أو له اشتراك أو نشاط فني أو رياضي فهذا سيدعم طلبه.
إضافة إلى العمل سواء كان عملاً اجتماعياً تطوعياً او عمل لمساعدة الأهل في مصاريف الدراسة والتي قد تبدو أشياء لا داعي لذكرها أو بحسب مفهوم مجتمعنا يخجل من ذكرها، لكن عند كتابة طلب التقدم لجامعة أمريكية عليك ذكر هذا لأنه سيرفع احتمال القبول.
نصيحة يقدمها إحسان للطلبة في الوطن العربي وهي السعي للحصول على منح والدراسة في الجامعات الأجنبية والعالمية، لأن الدراسة فيها مختلفة تماماً عنها في الجامعات العربية وتقدم للطالب لمسيرته العلمية والعملية الكثير من الفائدة، مع تأكيد إحسان للطلبة على السعي للعودة لبلدانهم ليقدموا ويفيدوا بما تعلموه.
وحين سألنا إحسان عن الدراسة في الجامعات الأمريكية وعن اختلافها الجوهري عن الجامعات العربية، وإذا كان صحيحاً ما يحلم به الطالب حين يسعى للسفر للدراسة وهو الراحة من تعب الامتحانات والدراسة والمواد المكثفة والحفظ دون فهم، فكانت الإجابة أن هذا صحيح، ولكن سيقابلهم تعب من نوع مختلف تماماً حيث الدراسة تعتمد على الجهد والبحث الذاتي إضافة إلى صعوبة الغربة والعيش في ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافتك والتي مهما حاولت الاندماج فيها ستبقى مجرد غريب عنها، لكن في النهاية يقول إحسان أنها تستحق كل هذا التعب الذي ستبذله للحصول على القبول وبعد الالتحاق في الجامعة.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق