تدوينة: مجهول
يولد الإنسان ليعيش و يجرب و يكتشف و يسقط و ينهض، وولدت انا لأسجن في زنزانة الحياة. كنت في صغري تلك الفتاة المرحة التي تمشي في كل مكان مع ابتسامة مشرقة، كنت على ما اظن احب ابتسامتي، بدأت اكبر ومازلت أحب مخاطبة الناس و اكتشف اشياء جديدة و لكن لا طريق من دون عثرات، و لا حياة من دون سقوط، ولا طعم للحرية دون أن تذوق طعم الانحباس. هكذا الحياة و قوانينها… لا اتذكر حقًا كيف سقطت و لا اتذكر الجرم الذي ارتكبته لأجد نفسي سجينة الحياة و سجينة الناس، ككلمة قولها بسيط و إيقاعها ابسط لكن كمعيشة الموت ارحم، لا ادري متى بدأ خصامي مع الناس و ما الذي فعلوه لي، ولكن حقًا بدأ… يا إلاهي سقطت في دوامة الرهاب الآن، وهكذا كانت النهاية.
ما بين سن الثالثة عشر والثامنة عشر
ابنتي هناك ضيف في المنزل هل يمكنك القدوم..
قلبي يدق فجأة و شعور بالخوف يراودني، يا إلاهي انا لا أتنفس جيدًا هل الموت يزورني…
بدأ هذا الشعور يراودني كلما اتى شخص الى المنزل، كنت اقف عند الباب الذي يجلس خلفه الضيوف ساعات و انا احاول الدخول اليهم حتى اسمع صوتهم و هم يودعون امي فاهرب مسرعة دون ان القاهم, كنت اختبا في المرحاض حين تلح علي امي بمقابلة شخص ما اجباري كنت اسمع طن من الكلام من والدي حين أرفض أن اقابل إحدى الأقرباء الواجب مقابلتهم حتى انه كان يقول انه سيعتقد الآخرون إنني معقدة حاولت في البداية التغلب على نفسي و لكن كنت كلما اردت القيام بتلك الخطوة كلما القي القبض علي بإحكام و جرني الرهاب الى الزنزانة من جديد و بقيت على هذه الحالة اكثر من اربع سنوات دون ان اجد الحل، من المنزل ننتقل الى الخارج مباشرة من تلك الطفلة كثيرة الكلام التي تسال عن كل شيء الى طفلة كتومة لا تكلم احد في الشارع.. نعم! حتى لو كنت تائهة بين سبع سموات لن اسأل ابدًا اين طريق النزول الى الأرض أو الصعود الى الجنة، كنت أخاف.. نعم! و لكن لا ادري من ماذا، الخوف سيطر علي من كل الاتجاهات و لم اجد المفر كنت اكره الدخول الى المحلات لأني سأضطر الى مخاطبة شخص لا اعرفه اما اذا ركبت المصعد و معي الكثير من الناس او حتى شخص واحد كان قلبي سيخرج من مكانه لا محالة و ستجدني جالسة مئة سنة وحدي و لن اخاطب ذلك الشخص الجالس امامي و انا لا اعرفه اما اذا سألني شخص ما فستجد وجهي سينفجر من شدة الاحمرار، اما عيني لن تنظر الى زرقة السماء ابدًا بل تكتفي بالنظر الى غبار الأرض كل هذا حدث ما بين سن الثالثة عشر و الثامنة عشر فترة مراهقة فتاة شابة اسيرة للعنة الرهاب ليحضر بعدها ذلك السن الذي تنته فيه مهمة والديك في تعليمك المشي و قواعد الحياة لتبدأ مهمتك في تجربة ما تعلمته ان كان ذلك التعلم صحيحًا أو خاطئًا، فكان يجب علي مقابلة الناس و التحدث اليهم لأنه لو بقيت في زنزانة الرهاب كان سيحكم علي بالإعدام لا محالة بدأت بالنهوض خطوة خطوة و بدأت بالتغلب عليه بداية بأبسط الامور التي كانت ترعبني احضرت في رحلتي هذه المرة ثقتي بنفسي التي ضيعتها في فاصلة ما و اصبحت اعززها عند كل محطة نجاح لأدخل الجامعة و اتعرف على صديقة كانت حقا ذلك الملاك المنقذ ساعدتني كثيرا دون ان تدري ابدًا عن الذي حدث لي و اشكرها لأنها امسكت بيدي و اخرجتني من ذلك الوحل و دفعتني الى الامام , لا أقول انني استطعت التغلب عليه من الخطوة الاولى ابدا لان هذا سيكون كذباً، كما لا اقول انني لم اذهب الى طبيب نفسي و لكن حقا ذلك الطبيب لم يؤثر علي ولو بمقدار ذرة و لكن بعد مدة استطعت ان اضعه تحت قدمي و ادعسه برجلي كلما لزم الامر قمت بخطوة كبيرة جدا ادت الى عدم قدرة الرهاب هذه المرة على اعدامي و هذا الفضل الكبير يعود الى ثقتي بالله تعالى ثم تغلبي على نفسي و عن التخيلات التي كونتها في تلك المرحلة من حياتي تدريجيا ولم استعجل في الامر ابدا و مساعدة الله لي بأرسال اصدقاء ذوي طاقة ايجابية و الحمد الله انا لست انا قبل سنوات و ستبقى تجربة اشجع بها الآخرين…
ما احاول قوله ان الكثير منا يعاني من هذا الفيروس و الأغلبية ليسوا على دراية بذلك و هناك من اكل عقله بالكامل لكن لكل داء دواء و دوائه هو انت وليس أحد لا الطبيب و لا الأهل و لا الرفقاء انت الدواء فقط..! صحيح هناك تأثير كبير من هذه الناحية و لكن الخطوة الإجابية التي تبدا بها هي أنت اهزم خوفك من الناس و كن على يقين انهم لن يأكلوك، سيضحكون عليك.. نعم! سيتكلمون عنك.. نعم! و لكن هذا يحدث لكل آدمي موجود فوق سطح الأرض، اظهر و جودك و تغلب على خوفك و اكتب قصتك بنجاح، و ابني ثقتك بالله و ادعوه في كل ليلة لكي يخلصك من هذه الأغلال و انا انتظرك لتصف جنبي و ننظر معاً نظرة ثقة و تعالي لهذه اللعنة و نصرخ بكل قوتنا “من تكون لتهزمني افة مثلك ” انت تستطيع كن لها…
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق