تحرك الكويكب الهائل الذي قتل الديناصور بسرعة تفوق سرعة رصاصة البندقية بحوالي 24 مرة عندما اصطدم بالأرض قبل 66 مليون عام، وقد ترك حفرة هائلة في نقطة الاصطدام بعمق 32 كيلومتر تقريباً في المنطقة التي تعرف الآن بخليج المكسيك، ووفقاً لاكتشاف جديد فإنّ البكتيريا الخضراء المزرقة Cyanobacteria المسؤولة عن ازدهار السموم المؤذية، انتقلت إلى الحفرة بعد الاصطدام بسنوات قليلة.
في عام 2016 حفر علماء في قلب الحفرة المدعوة تشيكشولوب Chicxulub واستخرجوا نواة من الرواسب بطول حوالي 840 متر، مما سمح للعلماء من جميع أنحاء العالم بتحليل الصخور لدراساتهم، كالعالم بيتينا شيفر Bettina Schaefer من جامعة كورتين Curtin الأسترالية، الذي أراد فهم كيفية عودة الحياة من الصفر بعد الاصطدام بشكلٍ أفضل.
على الرغم من رؤية العلماء لأدلة على الحياة المبكرة من قبل، إلّا أن أعدادها صغيرة ولا تعرض الصور كاملة، فالمشكلة هي عدم ترك جميع الأحياء الدقيقة لمستحاثات خلقها، إنمّا يتم التعرف عليها من خلال الجحور التي تصنعها والجزيئات التي ترّسبها، فالبكتيريا الخضراء المزرقة مثلاً تنتج دهون يمكن أن تحفظ في الصخور الرسوبية لمئات ملايين السنين.
عندما شاهد فريق العالم شيفر تلك الدهون المحفوظة قريباً من وقت الاصطدام علموا أن البكتيريا الخضراء كانت قد وُجدت هناك، حيث ترسبت فوق طبقة من النباتات المتحجرة التي حملها التسونامي الذي تبع الاصطدام إلى الحفرة، لكن تحت طبقة أخرى من الإريديوم Iridium ترسبت بمجرد إمطار الغبار في الغلاف الجوي الأرض ثانيةً، مما يشير إلى أنّ البكتيريا سكنت الحفرة بعد التسونامي لكن قبل تنظيف الغلاف الجوي وعودة ضوء الشمس بشكل كامل.
كما تمكّن الفريق من كشف ضيوف من أحياء أخرى وصل إلى الحفرة في وقتٍ لاحق وساعدوا على توصيف المياه السامة التي تجمعت فيها، فبعض المستحاثات الجزيئية التي اكتشفت مثلاً لا يمكن أن تنشأ إلّا من كائنات حيّة تعيش في المياه الخالية من الأوكسجين.
معرفة أنّ الحياة ازدهرت في حفرة تشيكشولوب إبان تشكلها مباشرة، قد يساعد العلماء على فهم كيفية تأقلم الأحياء مع كوارث اليوم بشكل أفضل.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق