لقد ظهرت استراتيجية المؤسسات منذ مايقارب نصف قرن من الزمن، وهي في الحقيقة فترة قصيرة جدًا بالمقارنة مع أغلب المجالات العملية، غير أنها قد تبوأت مكانة مهمة لدى الباحثين في الإدارة والتنظيم، والمهتمين بالتنظير في ميدان المؤسسات والتسيير الإداري.
إن الاستراتيجية كمفهوم قد ارتبطت لفترة طويلة من الزمن بالنظام والتخطيط العسكريين، ثم امتدت بعد ذلك لتُعنى بها المؤسسات والتنظيمات على اختلاف أنواعها، ولم تبقَ مقتصرة على الميدان الحربي، وبما أن النظام المؤسساتي والتنظيمي قد تطور بشكلٍ كبير وخاصة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وبالنظر إلى تلك الأهمية البالغة التي يوليها الباحثون للاستراتيجية وارتباطها الوثيق بالنجاح من جهة، ونقص المحتوى العربي الذي يدرس الإدارة الاستراتيجية من جهة أخرى، قررنا ان نضع بين أيديكم هذه السلسلة المبسطة في الإدارة الاستراتيجية.
مفهوم الإستراتيجية
الإستراتيجية هي مصطلح يقابله في اللغة الإنجليزية مصطلح Strategy وهو مصطلح استُنبط في الأساس من اللغة اليونانية وينقسم في الأساس الى قسمين (Stratos) والتي تعني Army أو الجيش وكلمة Agos والتي تعني المشرف أو القائد (Leader) والتي يقابلها في اللغة العربية مصطلح المشرف أو القائد، ويكون بذلك مفهوم الاستراتيجية هو في الأصل (المشرف على الجيش) حسب اللغة اليونانية التي شهدت تطورًا عسكريًا وتنظيميًا في العصور القديمة، وبهذا يكون أصل الاستراتيجية هو الميدان العسكري قبل أن يقترن بأي ميادين أخرى. غير أن هناك مشكلة في صياغة مفهوم اصطلاحي مشترك للإستراتيجية وذلك راجع لعدم وجود نظرية إستراتيجيّة.
غياب نظرية إستراتيجيّة
رغم أهمية الاستراتيجية التي لا يمكن إنكارها، إلا أننا لم نرَ حتى الآن “نظرية إستراتيجيّة”، هذا الغياب الذي جاء بسبب الاهتمام الأكثر عمقًا في وضع إطار عام للإستراتيجية على حساب التنظير الاستراتيجي، نتج عنه ما عرف بإتجاهات ومدارس الفكر الإستراتيجي:
- المدرسة الإبداعية: وحسب هذه المدرسة فإن الإستراتيجية هي عبارة عن عملية إبداعية.
- المدرسة التخطيطية: وحسب هذه المدرسة فإن الإستراتيجية هي عبارة عن خطة.
- مدرسة التموقع: وحسب هذه المدرسة فإن الإستراتيجية هي حالة تموقع داخل البيئة المحيطة بالمؤسسة.
- مدرسة المقاولة: وحسب هذه المدرسة فإن الإستراتيجية هي عبارة عن تصور.
- المدرسة الإدراكية: حسب هذه المدرسة فإن الإستراتيجية هي عبارة عن عملية ذهنية.
- مدرسة التعلم: حسب هذه المدرسة الإستراتيجية هي عبارة عن عملية تعلمية.
- مدرسة السلطة: الإستراتيجية هنا هي مجموعة مفاوضات.
- المدرسة الثقافية: الإستراتيجية حسب هذه المدرسة هي عملية جماعية..
- المدرسة البيئية: الإستراتيجية حسب هذه المدرسة هي رد فعل لتحديات البيئة.
- مدرسة التشكل: حسب هذه المدرسة فالإستراتيجية هي عملية تحويلية.
يجدر الذكر بأن هذا التقسيم خاص بالعالم Mintzberg وهو يحوي 10 مدارس.
بعض تعريفات الإستراتيجية
- ألفريد شاندلر
الإستراتيجية هي تحديد أهداف المنشأة على المدى الطويل وتحضير العمليات وتخصيص الموارد الضرورية لتحقيق هذه الأهداف.
- بيتر دراكر
الإستراتيجية هي إدراك البيئة وعرضها على الأشخاص لتمكينهم من القيام بالعمل.
- ميشال بورتر
الإستراتيجية هي خلق موقع فريد ومثمن خاص بمجموعة من الأنشطة ومختلف عن موقع المنافسين.
من أين تنطلق الإستراتيجية
الفكر الإستراتيجي له منطلقان رئيسان:
- مقاربة الاقتصاد الصناعي Industrial Economic: وتعتمد هذه المقاربة على منطلق أساسه أن الإستراتيجية هي عبارة عن تموضع يبنى في الأساس على معرفة القطاع.
- مقاربة الموارد Resource Based View: تعتمد هذه المقاربة على منطلق أساسه أن الإستراتيجية تبنى بالاستناد إلى موارد هذه المؤسسة، حيث أن الموارد المتاحة للمؤسسة تتحكم بالأساس وبشكل مباشرة في صياغة الإستراتيجية.
المراحل الأساسية لصياغة الإستراتيجية
- إعداد وتصميم الإستراتيجية: تعتبر هذه المرحلة حجر الأساس لصياغة إستراتيجية فعالة حيث تحوي التشخيص الإستراتيجي، والتحليل الإستراتيجي، والاختيار الإستراتيجي.
- تنفيذ الإستراتيجية: تسعى المؤسسة في هذه المرحلة لتنفيذ مخططات الإعداد والتصميم على أرض الواقع آخذة بعين الاعتبار مجموعة الموارد المتاحة.
- الرقابة الإستراتيجية: تعتبر الرقابة الإستراتيجية أحد أهم المراحل التي تمر بها الإستراتيجية، لما لها من فعالية في قيادة التخطيط الإستراتيجي للنجاح.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق