بدأت الحكومة الصينية بتطبيق “نظام الرصيد الاجتماعي” سنة 2009 في عدّة مقاطعات صينية، وذلك أملاً في تأطير السلوك الاجتماعي وتحسين نوعية الحياة وإعادة إحلال القيم النبيلة في المجتمع، لكنّ هذا النظام أثار الكثير من الجدل في أوروبا وأمريكا حول شرعيّته ونزاهة أهدافه.. دعونا نتعرّف عليه معا:
ما هو نظام الرصيد الاجتماعي
المُنطلق
طوّرت الحكومةُ الصينية “نظامَ الرصيد الاجتماعي” بهدف بناء قاعدة بيانات عن “السمعة” الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والشركات، حيث تُوَفّر هذه البيانات جُملةً من المعلومات عن مدى استحقاق شخصٍ (أو شركة) ما للثقة عند التعامل معه (ـا) في عمليات البيع والشراء، وعن مدى “صلاحه (ـا)” في المجتمع.
يعتمد هذا النظام أساسًا على تقييم المواطنين من خلال سلوكياتهم على أرض الواقع بمساعدة كاميرات المراقبة، وكذلك على نشاطهم على الإنترنت بالاعتماد على النقاط التي يمنحها المتعاملون لهم.
تحدّث مايكل بنس- نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- عن هذا النظام قائلا:
بحلول سنة 2020، ستكون الحكومة الصينية قد وضعت نظاما أورويليا* يزعم أنّه سيتحكّم افتراضيًا بكل نواحي الحياة الإنسانية -ويُطلق عليه اسم: الرصيد الاجتماعي. وحسب ما يوصف به هذا النظام، فإنّه سيسمح لأهل الثقة بالذهاب حيثما شاؤوا كأنهم في الجنة، بينما سيكون القيام بخطوة واحدة صعبًا على معدومي الرصيد.
آلية العمل في نظام الرصد الاجتماعي
في الحقيقة، ليس هناك نظام واحد أو موحّد اسمه “نظام الرصيد الاجتماعي”، بل هناك العديد من الهياكل المنفصلة (أغلبها تطبيقات ومواقع أطلقها القطاع الخاص أو العام) التي تعتمد على خاصية التقييم، مثل: تقييم الزبائن للخدمة/ المُنتج أو تقييم نظام بنكي لإخلاص المتعامل وحرصه على تسديد ديونه، وهي خاصية موجودة بالفعل في أغلب التطبيقات عبر العالم منذ سنوات، لكن النظام الصيني يريد استغلال هذه الخاصية استغلالًا كاملاً معمّقًا لبناء قاعدة معلومات عن الجميع: أفرادًا وشركات.
من المتوقّع أن يقوم نظام الرصيد الاجتماعي “الرسمي” بجمع بيانات المستخدمين الموجودة على صفحاتهم/سجلّاتهم على التطبيقات والمواقع بالتنسيق مع جهات مختلفة (من القطاعين العام والخاص)، إضافة إلى استخدامه كاميرات مزوّدة بتكنولوجيا التعرف على الوجوه Facial recognition system في الشوارع، وتقنية Big data التي تسمح بتحليل وفرز المعلومات المتعلّقة بكل المواطنين، وهو الأمر الذي قد يتيح للحكومة الصينية استخدام هذا النظام لأغراض أخرى “غير شرعية” مثل المراقبة الجماعية، ممّا يثير تحفّظ دول الغرب.
إذا كنت غير جدير بالثقة، فأنت في القائمة السوداء
يطبّق نظام الرصيد الاجتماعي الصيني أسلوب الترهيب والترغيب في علاقته مع المواطنين، حيث يكافئ أولئك الذين حقّقوا أرقامًا عالية بامتيازات مُغرية، مثل:
- تسهيل الحصول على القرض البنكي.
- نيل الأسبقية في الطوابير المتعلّقة بالأوراق الإدارية.
- الأفضلية في الحصول على وظيفة.
بينما يُعاقَب أصحاب الرصيد المنخفض بالعديد من الطرق التي تَحُدّ من حرّيتهم وتفضحهم في المجتمع، مثل:
- الحَظر من السفر: حيث يُمنع الشخص من حجز تذكرة السفر (عبر الطائرة أو القطار السريع) باستخدام المواقع أو الوكالات.
- الطرد من المدرسة: إذا كان التلميذ ابنًا لشخصين يملكان رصيدًا اجتماعيًا متدنّيا، فإنّه يُطرد من مقعده في المدرسة الخاصة أو الجامعة العمومية.
- عرض اسم وصورة الشخص على الشاشات في الأماكن العامة.
- الحظر من دخول قاعات العرض وصالات المسرح والسنيما.
- تدفّق إنترنت منخفض.
السلوكات الجيّدة قد تشمل: التبرع بالدم، احترام قانون المرور، مساعدة كبار السن وإعطاء الصدقات للمحتاجين، أما السلوكات السيئة التي يعاقب عليها النظام فقد تتمثل في: عدم تسديد الديون أو التهرب الضريبي أو حتى مضايقة الجيران بصوت الموسيقى في الليل!
بينما تصرّ الحكومة الصينية على أنّ هذا النظام هو الحل الأمثل لإعادة إحلال “الثقة” في التعاملات بين الأشخاص والشركات، إلاّ أنّ الرأي العام منقسم بين مؤيّد ومعارض..
فما رأيك؟
*أورويليا: نسبة إلى “جورج أورويل”.
مجانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق