في ذكرى رحيل عاطف الطيب : ماذا قال صناع السينما الواقعية عنه؟


موضوع

“أنا في رأي أن التطور يكون نابع من جوهر القضايا التي تتناولها الأفلام ومدى إلتحامها مع هموم وطموحات وأحلام الناس ومدى صدق العناصر الفيلمية في التعبير عن ده..ده اللي يعنيني”..بهذا التعليق البسيط، استطاع مخرج الواقعية المصرية عاطف الطيب التعبير عن رؤيته للمبدع الحقيقي.

المخرج عاطف الطيب
وها هي الرؤية الإبداعية التي أوضحها مخرج البسطاء، من وجهة نظره، ضمن حديثه في تسجيل قديم لـ “سهرة مع أيام السينما المصرية الجديدة”، وأثبتها فعليًا من خلال أعماله الفنية المختلفة، وترك أثرها وجدانيًا في نفوس المصريين منذ بدايات مشواره الفني وحتى ما بعد رحيله، الذي يحل ذكراه في 23 يونيو الجاري لعام 2019.

أقرأ أيضًا: أهم الأفلام الهندية في 2018 وZero في الصدارة


وعن طبيعة تعاونهما معًا في أعمالهما، أشار بشير الديك لـ الإعلامية لميس الحديدي، في برنامج “هُنا العاصمة”، المذاع عبر فضائية ”cbc”، أنه كان لا يتدخل في كتابة سيناريو الأفلام التي جمعتهما معًا، واصفًا إياه بـ “توأم روحه”.

صورة تجمع عاطف الطيب وبشير الديك ومحمد خان
تابع مشيرًا إلى أنهما كانا يفكران في نفس الشيء في نفس التوقيت، موضحًا أن هذا “التماهي الروحي والثقافي”، هو ما جعلهما يتعاونان معًا في 7 أفلام مختلفة، منهم: “سواق الأتوبيس” أول أفلامه الناجحة عام 1982، بعد فيلم “الغيرة القاتلة” الذي لم يحقق النجاح المرجو وقتذاك، و اَخر أفلامه “جبر الخواطر”،الذي عُرض عام 1998.

صورة قديمة تجمع المخرج عاطف الطيب والسيناريست بشير الديكلقطة من كواليس تصوير فيلم سواق الأتوبيس
أفلام عاطف الطيب تميزت بالاهتمام بالبُعد الإجتماعي وبشعبيتها ومواضعها الثقيلة وأفكارها العميقة، التي كانت تنفجر بالشخصيات الحية، والتي كان من الممكن أن تصطدم بشبيهتها على أرض الواقع، بعد الانتهاء من رؤيتها على الشاشة الكبيرة، حتى لُقب “الطيب” بـ رائد سينما الواقعية المصرية، التي أستطاعت أن تؤرخ نسبة كبيرة من شرائح المجتمع المصري، وعاداته وظروفه وطبائعه ومشاكله.

فنجد له أفلامًا تتناول قضايا البسطاء والمهمشين، والفقر المعنوي والمادي، وقضايا الحرب ضد الاستعمار، والحريات بكافة صورها، والعلاقة بين المواطن والسلطة، كما تطرق إلى تجسيد بعض قصص الشخصيات الحقيقية؛ مثل قصة رسام الكاريكاتير الفلسطيني في فيلم “ناجي العلي” عام 1992، والذي رافق عرضه عدة انتقادات واسعة، أعاقت سير عملية عرضه بدور العرض السينمائي بصورة طبيعية.

كما أن الأفلام التي صورها مع نجوم السينما المصرية، تعد بصمة سينمائية متميزة في حياته وفي حياة الفنانين أيضًا، منهم مَن تلمس أولى أبواب النجومية على يديه، منهم: أحمد زكي، ونور الشريف، ومحمود عبد العزيز، وشريهان، ولبلبة، حيث تقربوا للشعب أكثر من خلال بساطتهم في التعبير، واحترافية تجسيد شخصيات الشارع المصري.
عاطف الطيب والفنان أحمد زكي أثناء نقاش

المخرج عاطف الطيب والفنانة شيريهانأثناء التصوير عاطف الطيب ونور الشريف

فهناك بعض المقاطع السينمائية التي رافقت الجمهور رغم اختلاف الأزمنة وظهور تأثير السوشيال ميديا بدرجة كبيرة، ويتم تداولها من قِبل رواد مواقع التواصل الإجتماعي حتى الاَن؛ ملقبين إياها بأفضل المقاطع في تاريخ السينما المصرية، منهم مشهد المرافعة الشهير لـ النجم الراحل أحمد زكي، من فيلم “ضد الحكومة” الذي عُرض لأول مرة عام 1992، وكتب سيناريو الفيلم بشير الديك أيضًا.

 

سعيد شيمي والتعبير بلغة الصورة

إلى جانب النجاح الجماهيري الذي حققته أفلام عاطف الطيب حققت إشادات كثيرة لدى النقاد أيضًا؛ حيث إن أفلامه شاركت في عدة مهرجانات دولية عربية وغربية، منهم فيلم “الحب فوق هضبة الهرم”، الذي شارك في أسبوع المخرجين في مهرجان “كان” في الثمانينيات، كما كان فيلم “ليلة ساخنة” مِن أكثر أفلامه التي حازت على جوائز فنية، وعُرض لأول مرة عام 1995.

عاطف الطيب مع جوائز سينمائية وتكريمات

برزت الواقعية الحديثة في سينما عاطف الطيب نتيجة للإهتمام بالديكور وزوايا الكاميرا وحجم اللقطات المستخدمة لتصوير انفعالات الشخصيات، وعاونه في التعبير السينمائي بشكل جيد، المصور السينمائي الشهير سعيد شيمي، الذي جمعته أعمال سينمائية هامة مع “الطيب” إلى جانب ذكريات إنسانية كثيرة معه.

عاطف الطيب وفريق العمل
بدأت علاقة “شيمي” بـ “عاطف الطيب” خلال فترة الدراسة في معهد السينما، وامتدت بعد ذلك إلى أن عملا معًا فى 8 أفلام متميزة ومختلفة، وبحسب ما روى “شيمي” في تصريحات صحفية سابقة، أوضح أنه تفاجأ بمهارات “الطيب” الإخراجية بعد تعاونهما الأول في فيلم “الغيرة القاتلة”، مشيرًا إلى أنه لم يتوقع أحد له بذلك أثناء فترة الدراسة.

عاطف الطيب مع فريق عمل فيلم الغيرة القاتلة
ونتيجة لعلاقتهما الخاصة، قرر “شيمي” توثيق أسرار أعمالهما الفنية وكواليس التصوير، في كتاب “أفلامي مع عاطف الطيب”، الذي نُشر لأول مرة بواسطة الهيئة العامة لقصور الثقافة،

أقرأ أيضًا: قائمة بأفضل المسلسلات السورية على الإطلاق

كتاب أفلامي مع عاطف الطيب
ويعاد نشره مع دار “الهالة للنشر والتوزيع” في طبعة جديدة، تصدر في المكتبات في يونيو الجاري لعام 2019، تزامنًا مع إحياء ذكرى رحيل “الطيب”.

سعيد شيمي يوقع عقد كتابه أفلامي مع عاطف الطيب مع هالة البشبيشي مديرة دار الهالة للنشر

زوجة عاطف الطيب والإنسانية التي لا تٌفنى

خلال 47 عامًا، شهدت خطوات “الطيب” الدنياوية، على طيبته وإنسانيته وجرأته سواء في فنه عبر أفلامه الروائية، أو من خلال علاقته بمن حوله في حياته الحقيقية؛ حيث روت زوجته، السيدة “أشرف”، الكثير من المواقف التي برهنت على ذلك في حياته، منها توقفه مخصوص للحديث مع عساكر المرور وإلقاء السلام عليهم في الشارع.

أوضحت أنها حينما سألته عن سبب ذلك؛ أشار إلى أنه يقف في الشارع ساعات طويلة، دون أن يقف معاه أحدًا أو يشعره بأنه يؤدي دورًا مهمًا، متسائلاً: ” إيه اللى هخسره يعني لما أقف معاه؟ أحسسه بقيمته حتى دا هينعكس على أدائه في شغله”، بحسب رواية الكاتب بلال فضل في أحد حلقات برنامج “الموهوبون في الأرض”.

ظل ابن الطبقة الوسطى يعبر عن أبناء الطبقى الكادحة بفن يُرى ومصداقية تُحس، حتى رحل عن عالمنا على أنغام موسيقية غير مرئية ولا حقيقية، بل أنه سمعها وحده ووجه تساؤلاً عن ماهيتها وقتذاك، لأصدقائه المرافقين له أثناء تواجده  في المستشفى، بحسب رواية تلميذه المخرج محمد ياسين، قبيل رحيله عن عالمنا إثر إجرائه لعملية تغيير في صمام القلب.

عاطف الطيب وزوجته السيدة أشرف

مجانا  .
المطور : أراجيك.   النوع : مجهول .
+3

 !  يتوافق هذا الموضوع مع جميع أجهزة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تطبيقات مشابهة قد تعجبك :

المشاركات الشائعة