مصطفى كمال اتاتورك: القديس العلماني الذي يعبده الاتراك


موضوع

The post مصطفى كمال اتاتورك: القديس العلماني الذي يعبده الاتراك appeared first on أراجيك.

هناك حالة إجماع تاريخية على الموعد المُحدِد والمتفق عليه لانتهاء ما يعرف بفترة الحضارة العربية. والتي لعبت دورًا محوريًا في إعادة بعث وترجمة ما أنتجه اليونان والفرس من فنون وعلوم ومعارف أخرى، ومن ثم نقلها إلى عصر التنوير الأوربي الذي استمد جزء مهم من تراثه عن طريق هذه النقلات النوعية التي أتت إليه.

ذلك الموعد المُحدِد يتخذ من السيطرة الصفوية والعثمانية على الأراضي العربية وما يجاورها تاريخ لبداية الانحدار وأفول نجم الحضارة التي قد يعتز جزء كبير من قارئي هذا المقال بها.

لا شك أنه ما يزال الكثير من الاختلاف والالتباس في اتخاذ المصطلحات إلى وقتنا الحالي، ما بين مؤيدٍ لمُسمى الخلافة العثمانية او لربما الصفوية بوصفها دولة دينية. أو مَن يسميها احتلالًا كونها سيطرت على رقعة كبيرة من العالم دون أي تقدم يذكر، فما كانت إلا امبراطورية توسّعية هدفها حشد أكبر مساحة ممكنة من المناطق. وبين قارئ ودارس ثالث للتاريخ لا تهمه الأسماء بقدر ما يهمه التاريخ نفسه، كانت خلافة أم احتلال أم استعمار. كلهم سيّان، لربما الأمر الوحيد الذي يتفق عليه الجميع أنها ليست حضارة، فبإمكانك دعوتها بما شئت لكن أن تقول مثلًا: الحضارة العثمانية أو الحضارة الصفوية، أمر قد تجده ركيك لغويًا فكيف تاريخيًا!

انتهت الحضارة العربية وبدأت الاحتلالات أو الخلافات سمها كيفما تريد ثم انتهوا هم بدورهم أيضًا. ولعلَ أبرز ما نتج من تحلل العنصر العثماني هو الوريث العربي والوريث التركي في المنطقة.

يطرح البعض سؤالًا ويجيب عنه البعض الآخر. طالما أن الدولة العثمانية قد شملت البلاد العربية والتركية. وطالما أن كلا المنطقتان قد خضعتا لنفس الحكومة المؤثرة، فلماذا هذا الاختلاف الواسع والتباين في كل من تركيا والوطن العربي؟ لماذا تعتبر تركيا دولة علمانية متقدّمة نوعًا ما في حين أن البلاد العربية لا تزال في الخلف؟ والبلاد التي في الأمام منها ليست إلا فقاعة مالية، لأن عقول شعوبها إلى وقتنا الحالي لا تستطيع أن تُدير سوق العمل فضلًا عن أن تملك ثقافة معرفية ما؟

يُجاب على هذا السؤال باسم رجل واحد لا يخفى على الكثير من الناس. الرجل الذي يمجّده الأتراك لدرجة قد تصل للتقديس. الرجل المؤسس لدولة تركيا، الرجل المعروف لدى الشعب الوريث البِكر للعثمانية إنه مصطفى كمال اتاتورك. في حين أنه معروف لدى فئة من العرب بالزنديق الذي قام بإنهاء الخلافة الإسلامية إلى الأبد.

مصطفى كمال اتاتورك.. ثنائية القومية والعلمانية

يعلم الجميع أن الحكومة العثمانية كانت دعائية إلى حد كبير. فالجو الإسلامي ما كان إلا واجهة لدكتاتورية قد تحمل الكثير من جوانب الوحشية في طياتها. فالحاكم أو الوالي الذي كان يعين على البلدان العربية دائماً ما يكون عثمانيًا تركيًا، وللفرد العربي دور هامشي لا يتعدَ مراكز لا فائدة منها، ولربما هذا السبب الذي دفع لحدوث الثورة العربية أو التي يسميها البعض الخيانة وما إلى ذلك. فالأمر وصل لمرحلة لم تعد تحتمل، ولا يوجد ثورة إلا ولديها بيئة خصبة لكي تقوم بها.

فالفرد التركي دائما كان متفوقًا بالإضافة الى البزخ الاقتصادي والحروب الطاحنة التي اتجهت اليها الإمبراطورية في اخر أيامها. إذ تذكر بعض المصادر أن سبب من أسباب تحطّم الاقتصاد العثماني في سنواته الأخيرة هو بناء قصر دولمة بهجا الذي كلّف مبالغ خيالية في أوقات عصيبة. فكانت حينها الضربة التي قسمت ظهر البعير.

كل هذه العوامل ساهمت في تعزيز فكرة القومية لدى كل من العرب والأتراك على حد سواء. إذ يبدو أن الإطار الديني غير كافٍ لأن يجمع الناس تحت راية معينة لمدة طويلة. الأمر الذي أهّب فيما بعد لتطور فكرة العلمانية في تركيا. مما رفع بشكل كبير من شعبية الحركة التركية الوطنية التي قادها مصطفى كمال أتاتورك. الحركة التي رفعت شعار القومية التركية وشعار العلمانية. وانهاء الحكم العثماني كدولة دينية توسعية وكدولة ذات تعدد ثقافي أيضًا.

غرفة تشريح التاريخ

لن نركّز هنا عن شخصية اتاتورك وتاريخ ميلاده ولون عيونه، لأن هذه المعلومات غير مهمة ومتواجدة بكثرة. الشيء الأكثر الأهمية هي تلك الأفكار التي أتى بها أتاتورك، وكيف تبنتها مختلف المجتمعات وما رأي المثقفين والمفكرين عنها بشكل عام.

محورية الأفكار التي أتى بها أتاتورك أنها تفصل بين الواقع والمثالية. تفصل بين المبادئ الرنانة التي يريد أن يسمع بها الناس دون أن يروها، في حين أنهم يتجاهلون المبادئ الواقعية القابلة للتطبيق إلى أنها لا تكدّس الجماعات ولا تحشد الناس والجمهور والغوغاء كما تفعل تلك السابقة عنها.

فعندما يتناهى إلى سمع أي مواطن عربي اسم الدولة العثمانية وغيرها من الامبراطوريات التي اتخذت من الدين يافطة عامة للحكم، لا شك أن قلبه يخفق في مكانه ويقفز إلى مدى بعيد، وهذا ويرجع إلى عدم درايته التاريخية ولميله الفطري نحو نزعة التطبيل والتزمير الأعمى، النزعة التي تسعى إلى استعادة أمجاد الأجداد العظماء الذين لا يعرف تاريخهم ولم يقرأ كتابًا واحدًا عنهم. إلا أن أحدًا ما قد قال له أنهم كان جيّدون فبدأ يعيد ويكرر كما الببغاء يفعله.

المطور : أراجيك.   النوع : مجهول .
+3

 !  يتوافق هذا الموضوع مع جميع أجهزة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تطبيقات مشابهة قد تعجبك :

المشاركات الشائعة